أدمان العمل

إن التمييز بين إدمان العمل كاضطراب سلوكي مميّز وبين المفاهيم الأخرى كالانهماك بالعمل أو الاحتراق النفسي أو العمل المضاعف؛ يعتبر الخطوة الأهم في فهم إدمان العمل وأسبابه النفسية والموضوعية وآليات الخروج من العمل القهري.

مفهوم إدمان العمل

حتى الآن لم يتم الاعتراف بإدمان العمل كاضطراب نفسي أو عقلي مميز على غرار اضطراب ألعاب الانترنت الذي تم الاعتراف به مؤخراً، حيث لم يتم إدراجه في آخر إصدار من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية DSM 5، لكن إدمان العمل يشبه إلى حد بعيد أنواع الإدمان السلوكي الأخرى، مع وجود بعض الفوارق التي نتطرّق لها في مكانها.
فإدمان العمل هو الإقبال على العمل بشكل قهري وفوق طبيعي، دون أن يكون الشخص قادراً على السيطرة أو التوقف بشكل إرادي، وسيكون العمل في هذه الحالة هو السلوك الأهم في الحياة الذي يمنح الشخص المصاب بالإدمان الراحة والطمأنينة والثبات، وحتى مع إدراك الشخص للآثار السلبية لإدمان العمل إلَّا أنه لن يستطيع التوقف وسيشعر بالعجز أمام الامتناع عن العمل أو أخذ فترة استراحة؛ لنتعرّف إلى أعراض إدمان العمل.

أعراض الإدمان على العمل

كما ذكرنا فإن الإدمان على العمل يشترك من حيث المظاهر والأعراض مع معظم حالات الإدمان السلوكي، ويمكن توضيح أبرز أعراض الإدمان السلوكي عموماً  (كالإدمان على القمار أو ألعاب الإنترنت أو الجنس) وإدمان العمل خصوصاً كما ذكرها الدكتور Mark D. Griffiths، حيث يرى أن الإدمان السلوكي لا بد أن يتميز بستة مكونات أساسية هي:

  1. الأهمية والصدارة، أي مدى أهمية السلوك بالنسبة للفرد وما هو ترتيبه ضمن أولوياته وإلى أي درجة هو راسخ في قائمة الأولويات، وفي حالة الإدمان على العمل يكون العمل على رأس قائمة الأولويات وقادراً على إزاحة الكثير من السلوكيات الأخرى مثل الأنشطة الاجتماعية والواجبات العائلية والزوجية وغيرها.

  2. أن يكون السلوك مرتبطاً بتحسين المزاج، حيث ينظر المدمن على العمل إلى عمله كأفضل الممارسات في حياته، ويعتقد أن العمل هو المكان المثالي للهروب من أمور أخرى وللحصول على جرعة عالية من السكينة والسعادة، وكلما تعرّض لضغط يلجأ إلى العمل لتخفيف التوتر وتحسين المزاج.

  3. التحمُّل، هو من أعراض الإدمان السلوكي عموماً شأن كل الأعراض التي نذكرها، ويعرف التحمُّل أو تناقص الفعالية Tolerance في المجال الصيدلاني مثلاً أنه انخفاض فعالية الجرعة مع الاستخدام المتكرر للدواء ما يتطلب زيادة الجرعة، وعلى صعيد إدمان العمل فإن من أعراضه ومظاهره الزيادة التدريجية لعدد المهام ومدة العمل للحصول على فاعلية نفسية أكبر.

  4. أعراض الانسحاب، وتشمل المشاعر السلبية والأعراض النفسية والجسدية التي قد تتزامن مع الامتناع عن العمل أو محاولة تقليص عدد ساعات العمل، مثل تقلبات المزاج والاكتئاب وغيرها.

  5. الصراع، ويكمن النظر إلى الصراع كجزء من أعراض الانسحاب، ويشمل صراع الشخص مع ذاته ومع الآخرين أو مع مجالات النشاط المختلفة نتيجة عدم القدرة على ممارسة العمل لسبب أو لآخر.

  6. الانتكاس، وهو العودة إلى النشاط موضوع الإدمان بعد فترة من التحكُّم أو العلاج، وغالباً ما تكون العودة أكثر شدة وحدة، ويكون الانسحاب مجدداً أكثر صعوبة.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟